المتلازمة الأيضية Metabolic Syndrome


الأيض أو الإستقلاب Metabolism ,عبارة عن العمليات و التفاعلات البيولوجية و الكيميائية و التي عن طريقها يستخدم الجسم الطاقة من الطعام (السعرات الحرارية) و يحرقها للبقاء على قيد الحياة و القيام بالأنشطة المختلفة. المُتلازمة الأيضية Metabolic Syndrome , عبارة عن مجموعة من الأمراض تحدث نتيجة خلل في أيض الجسم , و تتكون من السُمنة الأحشائية (داخل تجويف البطن) Visceral Obesity ,إرتفاع سكر الدم (مرض السكري النوع الثاني) Type 2 Diabetes , إرتفاع مستوى الأنسولين في الدم Hyperinsulinemia , إرتفاع دهون الدم Dyslipidemia , أمراض القلب و الشرايين Cardiovascular Disease.

آلية حدوث هذه المُتلازمة الآخذة بالإنتشار نتيجة توفر الطعام و الحياة المُرفهة غير معروفة بالضبط , و بالرغم من الأبحاث المُكثفة على الهرمونات و معرفة بعض الإعتلالات فيها , لم تُفلح بوضع نظرية موحدة تُفسر سبب حدوث هذه المُتلازمة. نظرية جديدة تُفيد بأن المُتلازمة الأيضية تنشأ من إضطرابات تناغم الجهاز العصبي المُستقل Autonomic Nervous System , و هذا الجهاز يتكون من الجهاز العصبي الودي Sympathetic Nervous System و الجهاز العصبي اللاودي Parasympathetic Nervous System.

في الأشخاص الأصحاء يوجد تناغم بين شقي هذا الجهاز بحيث يستغل الجسم الطاقة أفضل إستغلال و يمنع حدوث هذه المُتلازمة. خلال فترة النشاط يُسيطر الجهاز العصبي الودي و خلال فترة الراحة و الخمول يُسيطر الجهاز العصبي اللاودي , و يكون بينهما توازن و تناغم ليمدا الجسم بحاجته الفعلية من الطاقة. مثال على ذلك , في فترة النشاط و الحركة ينشط الجهاز العصبي الودي فيوجه الدم إلى العضلات و يقل سريان الدم إلى البطن و الأمعاء , و العكس صحيح في فترة الراحة حيث ينشط الجهاز العصبي اللاودي. و هذا التذبذب و التناغم يكون تحت سيطرة المخ في منطقة تحت المهاد Hypothalamus حيث يمكن تشبيها بالساعة البيولوجية التي تنظم عمل الجهاز العصبي المُستقل , و يحتاج المخ إلى معلومات من البيئة الخارجية و البيئة الداخلية (الجسم) لينظم عمل هذه الساعة البيولوجية. مثال على ذلك ما يُسمى بظاهرة الفجر Dawn Phenomenon حيث يرفع الجسم نسبة هرمون الكورتيزول Cortisol و السكر في الدم و ذلك لتهيئة الجسم للنشاط بعد الإستيقاظ من النوم. و هذه الساعة البيولوجية تفقد تناغمها و حساسيتها للمتغيرات البيئية في حالات الكسل و الخمول و فرط الأكل.
في المُتلازمة الأيضية يكون التناغم و التذبذب في الجهاز العصبي المُستقل مُختل. حيث يزيد نشاط الجهاز العصبي الودي مما يؤدي إلى إرتفاع ضغط الدم و إرتفاع السكر في الدم. و زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاودي تؤدي إلى تراكم الشحوم في تجويف البطن و زيادة إفراز الأنسولين.

يكون الشخص مُصاب بالمُتلازمة الأيضية عندما يكون لديه على الأقل ثلاثة (3) أو أكثر من العوامل التالية, و كلما زاد عدد العوامل الموجودة كلما كانت الخطورة أكبر.

  1. قياس مُحيط الخصر يكون أكبر من 102 سم للرجال و 88 سم للنساء.
  2. إرتفاع مستوى الشحوم الثلاثية في الدم.
  3. إنخفاض مستوى الكوليستيرول الحميد (العالي الكثافة) HDL-C في الدم.
  4. إرتفاع ضغط الدم (أعلى من 130 على 85 مليميتر زئبق).
  5. إرتفاع مستوى سكر الدم الصائم عن 100 مليجرام لكل 100 مليليتر دم (5.5 مليمول/ليتر دم).

كيف نحافظ على تذبذب و تناغم الجهاز العصبي المُستقل لتجنب المُتلازمة الأيضية؟

ممارسة الرياضة المُنتظمة و اليومية تزيد من نشاط الجهاز العصبي الودي بحيث يقلل و يحرق الشحوم في البطن , و تقلل من نشاطه بأعضاء أخرى بجيث يُحسن من جريان الدم في الشرايين و يُخفض ضغط الدم و يُحسن من إستهلاك العضلات للسكر و بالتالي إنخفاض مستواه في الدم. الحمية و تخفيف الوزن لهما نفس التأثير.
الميلاتونين Melatonin كذلك يُعيد تناغم و تذبذب الجهاز العصبي المُستقل و يؤدي إلى إنخفاض ضغط الدم أثناء الليل , و في التجارب على الفئران أدى إلى فقدان الشحوم الأحشائية.

دكتور خليل اليوسفي