التصلب المتعدد Multiple sclerosis


التصلب المُتعدد   Multiple Sclerosis (MS) مرض شائع عالمياً و لكن إنتشاره يختلف إختلافاً كبيراً من منطقة لِاُخرى , و سببه غير معروف , و هو مرض إلتهابي مُزيل للنُخاعين Inflammatory Demyelinating Disease يُصيب الجهاز العصبي المركزي Central Nervous System ( CNS ) , الذي يتكون من الدماغ  Brain و الحبل الشوكي   Spinal Cord , الإلتهاب تُسببه كريات دم بيضاء ليمفاوية تُهاجم صفائح المايلين (النُخاعين) و تسبب زواله إستجابة لمُستضدات غير معروفة , و كذلك يوجد خلل في إنتاج النُخاعين (مايلين) Myelin بواسطة الخلايا الدبقية قليلة التغصنات Oligodendrocytes في الجهاز العصبي المركزي .

الصفة المميزة لمرض التصلب المُتعدد هي التكوين المُستديم لِلويحات زوال النُخاعين Plaques of Demyelination في الجهاز العصبي المركزي , و هذه اللويحات التي تُشكل آفة المرض MS Lesions تنتثر في الوقت و المكان و لهذا السبب كانت تسمية المرض القديمة التصلب المُنتثر Disseminated Sclerosis.

مرض التصلب المُتعدد أكثر حدوثاً في الفئة العمرية من 20 إلى 40 سنة , و هو أكثر شيوعاً في النساء.
في المملكة المتحدة (بريطانيا) يوجد 50,000 شخص مُعاق بالمرض.

المرض مُنتشر عالمياً و لكن إنتشاره يختلف من منطقة لِاُخرى و يتناسب طردياً مع بُعد المسافة عن خط الإستواء. فكلما ابتعدنا عن خط الإستواء سواءً شمالاً أو جنوباً يزداد إنتشار و حدوث المرض , مثال ذلك بين خطوط العرض 50 - 65 درجة شمال خط الإستواء يُصيب المرض 60 - 100 شخص من كل 100,000 نسمة , في خطوط العرض أقل من 30 درجة شمال خط الإستواء يُصيب المرض أقل من 10 أشخاص من كل 100,000 نسمة , و في خط الإستواء المرض نادر الحدوث.

خارطة تُبين نسب إحتمال (إنتشار) الإصابة بمرض التصلب المُتعدد في مناطق العالم.
ملاحظة : يجب مراعاة أن هذه الخارطة تقريبية و ليست دقيقة 100%.

 سببيات التصلب المُتعدد Aetiology

سبب المرض بالضبط غير معروف و لكن هناك عوامل كما يأتي

 

فيديو توضيحي يُبين آلية المرض المُقترحة ألا و هي هجوم الخلايا المناعية في الجهاز العصبي المركزي على طبقة المايلين (النُخاعين) العازلة التي تُغلف العصبونات , و المايلين ضروري لنقل الإشارات الكهربائية في العصبونات , إستجابة لمُستضدات غير معروفة.
M = Macrophage خلية بلعمية و T و B فصيلتان من الخلايا الليمفاوية في الجسم.

 

 مرضيات التصلب المُتعدد Pathology

المرضيات تعني التغيرات التي تطرأ على الأنسجة في الجسم أثناء المرض , و هو علم الأمراض الباثولوجي Pathology.
الآفة الأساسية في التصلب المُتعدد هي لويحات زوال النُخاعين , Plaques of Demyelination و في البداية يكون حجمها
2 - 10 مليميتر mm , و عادة تكون هذه الآفات حول البُطينات في الدماغ Periventricular و هي مولعة بإصابة مناطق مُعينة من الدماغ و الحبل الشوكي و هي :

إنتكاسات المرض الحادة Acute Relapses سببها التهابات بؤرية مُزيلة للنُخاعين (المايلين), و يسبب أكسيد النتريك Nitric Oxide التي تنتجة الخلايا البلعمية Macrophages (نوع من أنواع كريات الدم البيضاء) , نتيجة الإلتهابات تلف ألياف الأعصاب في الجهاز العصبي المركزي , و عندما تكون الإلتهابات شديدة تُسبب تلف دائم في العصبونات. هدوء المرض Remission يحدث عندما تخف هذه الإلتهابات.
زوال النُخاعين Demyelination في التصلب المُتعدد , أبداً لا يُصيب الأعصاب الطرفية Peripheral Nerves.

الأعراض Clinical Features

لا توجد أعراض أو علامات تشخيصية مُعينة للتصلب المُتعدد , و لكن بالرغم من هذا يُمكن في أغلب الحالات التعرف على المرض سريرياً.

الأنماط السريرية للتصلب المتعدد :

1- التصلب المُتعدد مُتكرر الإنتكاس و الهجوع (الهدوء) Remitting Relapsing MS , و هو الأكثر حدوثاً و يعني بأن المريض يُصاب بنوبة حادة من المرض ثم يخف (هجوع) ثم بعد فترة يُصاب بنوبة حادة اُخرى (إنتكاس) و بعدها يخف (هجوع) , و في كل مرة ينتكس و يهدأ فيها المرض يترك تلف مُستديم في الأعصاب مما يزيد حدة الأعراض و الإعاقة شيئاً فشيئا.
2- التصلب المُتعدد المُترقي الأساسي Primary Progressive MS و يُشكل 20% من الحالات.
3- التصلب المُتعدد مُتكرر الإنتكاس و الهجوع (الهدوء) يمكن أن يتطور إلى النوع المُترقي ليُشكل التصلب المُتعدد المُترقي الثانوي Secondary Progressive MS.
4- أحياناً المرض يسير في مسلك خاطف و سريع في تطوره و تأثيره على الأعصاب خلال بضعة أشهر و يُسمى التصلب المُتعدد الخاطف Fulminant MS. يُصيب أقل من 10% من الحالات.

إعاقة توصيل الأعصاب Nerve Conduction (إنتقال الإشارات العصبية في الأعصاب) مُباشرة نتيجة زوال النُخاعين أو غير مباشرة نتيجة للإلتهابات هي السبب الرئيسي لظهور الخلل السريري في المرض.


 مـا هـي الأعــراض و الـعـلامـات الـتي تـظهـر عـلى الـمـريـض؟

أكثر الأعراض و العلامات شيوعاً و حدوثاً و تميزاً في التصلب المُتعدد مُتكرر الإنتكاس و الهدوء هي :

إعتلال العصب البصري العصبي Optic Neuropathy:

و أعراضه عدم وضوح الرؤية في أحد العينين يتطور خلال ساعات أو أيام , و يتراوح بين الشعور بالرؤية خلال زجاج مُعتم إلى عدم الإبصار (فقدان البصر) في عين واحدة و عادة يُصاحبه ألم عيني (ألم في العين أو خلف العين). الإصابة بالعُمى الكامل نادر الحدوث. الشفاء يتم خلال 1 - 2 شهر .
- إذا أصابت اللويحة (آفة المرض) رأس العصب البصري يظهر الإعتلال في صورة إلتهاب العصب البصري Optic  Neuritis الذي يؤدي إلى إنتفاخ القرص البصري Optic Disc Swelling و يمكنه رؤيته بمنظار العين Ophthalmoscope عند فحص قاع العين Fundoscopy . إلتهاب العصب البصري يؤدي إلى فقدان حدة الإبصار مُبكراً و هذا يُميزه عن الأسباب الأخرى لإلتهاب العصب البصري.
- أما إذا أصابت الآفة العصب البصري بضعة مليميترات خلف العين لا تثسبب إنتفاخ القرص البصري و يُسمى هذا الإلتهاب , إلتهاب العصب البصري خلف المقلة (العين) Retrobulbar Optic Neuritis و هنا لا تظهر علامات في القرص البصري عند فحص قاع العين.
زيادة سوء إعتلال العصب البصري العصبي أثناء الحُمى , الطقس الحار أو بعد ممارسة التمارين الرياضية يُعرف بظاهرة يوثوف Uthoff's Phenomenon و هي عبارة عن بطء (تأخير) في توصيل الأعصاب المركزية عند زياة إرتفاع درجة حرارة الجسم.

- و من الآثار السلبية المُتأخرة للإعتلال , العُتامات (عُتمة) Scotomas و هي عبارة عن بقع سوداء (بؤر عمياء) تظهر في مجال الإبصار , و خلل في إبصار الألوان.

 


صورتين لمقطع اُفقي للمخ بالرنين المُغناطيسي تُبينان إصابة العصب البصري بآفة MS (السهم الأحمر) و السهم الأصفر يُؤشر على آفة في المخ و النقطتين الصفراء تدلان على مُقلة العين.

زوال النُخاعين في جذع الدماغ Brainstem Demyelination: 

- إصابة جذع الدماغ الحادة تُسبب إزدواج الرؤية (شَفَع) Diplopia و دُوار Vertigo و خدران في الوجه أو ضعف و/أو عُسر البلع Dysphagia.و الصورة المثالية هي نوبة (هجمة) حادة من إزدواج الرؤية مع دُوار مع رأرأة Nystagmus (إرتجاج العين اُفقياً أو عمودياً عند النظر نحو الجانب "طرف العين") و لا يُصاحب النوبة طنين في الاُذن Tinnitus أو صُم Deafness. و تدوم النوبة لبضعة أسابيع قبل الشفاء منها.


صورتين لمقطع رأسي جبهي للدماغ بالرنين المُغناطيسي تُبينان إصابة المُخ بآفة MS حول البُطينات(السهم الأصفر) و السهم الأخضر يُؤشر على آفة في المُخيخ و السهم الأحمر يُؤشر على آفة في جذع المخ و السهم الوردي يُؤشر على آفة في الحبل الشوكي الرقبة).

آفات الحبل الشوكي Spinal Cord Lesion :

- خزل نظيري تشنُجي Spastic paraparesis , و هو ضعف أو شلل غير كامل في إما الأطراف العلوية (الذراعين) أو الأطراف السُفلية (الرجلين) , و يتطور خلال أيام أو اسابيع و هو الصورة المثالية للمرض التي تحدث عند إصابة الحبل الشوكي العُنقي Cervical Cord (جزء الحبل الشوكي في الرقبة) أو الصدري Thoracic Cord (جزء الحبل الشوكي في الصدر) بلويحات زوال النُخاعين (آفة المرض).

- و عادة يبدأ كصعوبة في المشي و إعتلال الإحساس و كذلك إحتباس البول Urinary Retention (صعوبة التبول).

 


صورتين للحبل الشوكي العُنقي (الرقبة) بالرنين المُغناطيسي تُبينان إصابة الحبل الشوكي بآفة MS (السهم ).

تظاهرات (صور) غير شائعة للمرض Unusual Presentations :

الإستقصآءآت Investigations

 


صورتين لمقطع اُفقي للمُخ بالرنين المُغناطيسي تُبينان إصابة المُخ بآفة MS حول البُطينات (الصورة اليُسرى "السهم") و اُخرى في الصورة على اليمين.

 

 العلاج و سير المرض Management and Prognosis

عند تشخيص المرض يجب إتخاذ قرارات عملية بشأن الوظيفة و السكن و كذلك التخطيط لمُستقبل المريض لمواجهة مرض مزمن ليس له شفاء و يؤدي إلى الإصابة بالإعاقة الجسدية. مرض التصلب المُتعدد لا يُمكن التنبؤ بمساره و تطوره لأنه يوجد إختلاف كبير و شاسع بين المرضى من حيث شدة تأثير المرض عليهم و الإعاقة الجسدية , فمنهم من يستمر في العيش بإكتفاء ذاتي و منهم من يُصاب بإعاقة جسدية شديدة مُقعدة.
و لكن الكثير من الحالات يكون مسار المرض فيها حميد و غير شديد و لا يؤدي إلى إعاقة جسدية شديدة.
الكثير من العلاجات طُرحت في الأسواق للتصلب المُتعدد مثل العلاج بالتجميد Cryotherapy و العلاج بالتشعيع (بالأشعة) Radiotherapy و العديد من اللقاحات و التحفيز الكهربائي Electrical Stimulation و العلاج بالأوكسجين ذو الضغط العالي Hyperbaric Oxygen و غيرها , و لم يُثبت أي منها جدواه في تغيير مسار المرض و تطوره.

علاج التصلب المُتعدد المُتبع كما يلي :

د.خليل رضا اليوسفي
استشاري طب العائلة - الكويت